نرسمُ بالعطشِ الماءَ
ثامر سعيد آل غريب
أيّها التُرابُ الذي أفَلَ عطرُهُ ،
يندبُ أيامَهُ النافقة :
التيهُ وحشةٌ
لكنّ الحنينَ منفى .
أيّتُها الأنهارُ التي غضَّنها الظمأُ
تمرَّغَ على أكتافِها ،
الزّعيقُ ...
فأورثَتنا جمرَ الحروف .
أيّها الهواءُ الذي ما أن تنشّقَهُ العاشقون
إلا واستعروا خبالاً
قبلَ أن نوقدَ ، لحفلتك ، الشّموعَ !
أطفأتَ أعوادَ ثقابِنا .
أيّتها الدّروبُ التي أرضعتنا الفقدَ
والنحيبَ .
ما عادَ عشبُكِ يملأُ القلبَ :
شمسُكِ باردة !
أيّها النخلُ الذي علّمنا التوريّة
والمجازَ ...
فصرنا نرسمُ بالعطشِ الماءَ
والتذكرَ بالنسيان .
أيّها الطينُ سُحنتُنا ،
أيّتها السماءُ أرقُنا ،
أيّتها النوافذُ بريدُنا السريُّ ،
أيّتها الأسواقُ مواعيدُنا ،
أيّتها المقاهي هروبُنا .
أيّتها القناطرُ ...
خفقةً خفقة عبرتها القلوبُ .
أيّتها الساحاتُ :
تفصّدُ الوقتِ والأحلامِ والقلق .
أيّتها الحاراتُ براءتُنا .
أيّتها الأبوابُ ..
أيّتها النجومُ ..
أيّتها الغيومُ ..
طفلُكمُ المفؤودُ أنا ،
سأحدثكم عن الراياتِ
وهي تلطمُ وجهَ السّماءِ
وعن التي تمرّغتْ بالهزائم .
عن أقواسِ النصرِ ،
شيّدتها الحروبُ ،
الحروبُ لا تشيّدُ إلا المقابرَ .
عنِ الغرابِ الذي وارى جثّةَ أخيهِ
وعافَ على الرّملِ أشلاءَنا .
عَن عَصاً شقّتِ البحرَ لهاربينَ
فأيّ عَصاً سخّرتْ بحرَنا
للشياطين ؟
عَن الذينَ أتونا بألسنةٍ لاذعةٍ
فأرهقونا بمواعظِهم
ولبسوا آذانَهم لموتنا.
عَنِ الناطورِ الذي باعَ بندقيتَهُ
وابتاعَ ipad من الجيلِ الرابعِ
ليقتلَ أيامَهُ القابلة
في زمنٍ تكاثرَ سُرّاقُهُ
فما عادَ للصحوِ جدوى
ولا للوقتِ وقتٌ .
عن قصائدي التي أدمنتِ العويلَ
وأقراصَ الهلوسة .
سأحدثكم عنيّ ..
فلا تلبسوا آذانَكم
فما عادَ للسيفِ مضرب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق