أ.د. محمد الدعمي
”إن منظماتنا الإقليمية المتخصصة في حقول التربية والتعليم والتثقيف هي الأخرى مدانة، بمعنى أن كل ما فعلته من أنشطة ولجان وبيانات ومؤتمرات وندوات، وبالطبع، ولائم وإيفادات على حساب المال العام، لم تكن سوى هواء في شبك: أين اصحاب الياقات البيض وأربطة العنق من التربويين الذين “يتفلسفون” على شاشات التلفزيون وفي الندوات والمؤتمرات من آن لآخر، ”
ـــــــــــــــــ
إذا ما كان نقدي لأنظمة التربية والمعارف السائدة في دول العالم الإسلامي قد مر دون ملاحظة كافية من قبل أولي الأمر واصحاب الرأي، فإن نقد الرئيس باراك أوباما الذي يفيد بأن على الشبيبة المسلمة أن تفكر بمستقبلها بدلاً عن التفكير فيما لو أنها كانت شيعية أو سنية، قد جاء مصداقاً لما ذهبت إليه في مقالة سابقة لـ (الوطن) الغراء، حيث اعتبرت الأحداث الساخنة في الشرق الأوسط وما يوازيها من استفحال واضح المعالم للإرهاب وللحشد الذي تستقطبه عبر الحركات الإرهابية دلائل على إخفاق أنظمة التنشئة والتثقيف المذكورة أعلاه، للأسف.
ترتكن ملاحظتي على التأكيد على تسرب الشبيبة والنشء من بين “اصابع” وزراء المعارف والتربية والتعليم العالي ووزاراتهم، كما يتسرب الماء من أيدي رجل عطشان يحاول ارتشاف الماء البارد والنادر في يوم تموزي قائظ الحرارة في الصحراء! إن الذي يجري عمليًّا، هو أن العديد من هذه الوزارات والهيئات التربوية التي تديرها، تلك التي استغرقت دولنا أزماناً طويلة وأموالاً طائلة، قد أخفقت في مهماتها وفي تلبية آمال أولي الأمر والرعاة، فلم تكن سوى أجهزة لا مجدية، بدليل الأعداد الصادمة وغير المتوقعة الارتفاع من هؤلاء الشبان، بل والصبية الذين اندفعوا بتعام للالتحاق بالجماعات الإرهابية: فأين دروس التربية الدينية، والتربية الوطنية وسواها من دروس الاجتماعيات والإنسانيات التي لقنت شبابنا، كما يبدو، القفز على الدرس الصفي والكتاب المنهجي نحو أهوال العنف والحوار بالنار والحسم بالقتل وبسادية قضم الأكباد. ثمة اختلال في الأنظمة التربوية عبر العالم الإسلامي كان دائماً فاعلاً وراء قذف الشبيبة المسلمة وتقاطرها غير المنقطع نحو عوالم لا مجدية، تشبه (للأسف) عوالم وابحاث العديد من جهابذة التربية والتعليم الذين لقنوننا قوانين الأواني المستطرقة والأمطار الموسمية والجاذبية، ثم ساعدونا على حفظ الايات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة على نحو لا يفضي إلى غرض تربوي مجدِ عمليًّا: فأين ذهبت البرامج التربوية الكبيرة وما جرفته معها من أموال وابحاث ولجان وخطط؟
هذه اسئلة مشروعة تدين هذه الأنظمة، وعيب على البعض أن يدفن رأسه بالتراب في انتظار أن “يظفر به” النقد لتأته “لكمة التوعية” من قبضة رئيس أميركي ولد مسلماً ولم يبق كما ولد. فيقول لنا بسلطوية المعلم العارف: “أن الإسلام دين سلام”!
إن منظماتنا الإقليمية المتخصصة في حقول التربية والتعليم والتثقيف هي الأخرى مدانة، بمعنى أن كل ما فعلته من أنشطة ولجان وبيانات ومؤتمرات وندوات، وبالطبع، ولائم وإيفادات على حساب المال العام، لم تكن سوى هواء في شبك: أين اصحاب الياقات البيض وأربطة العنق من التربويين الذين “يتفلسفون” على شاشات التلفزيون وفي الندوات والمؤتمرات من آن لآخر، إذا كانت هذه هي النتائج، وأقصد بها صور النحر والقتل والاغتصاب التي يقدمها خريجو صفوف مدارسنا في الدول الإسلامية؟
هل يكمن الخطأ في المناهج أم في طرق التدريس أم في التمويل أم في غياب عقيدة تربوية حقة، ذات أهداف لا يمكن التنازل عنها. بقينا عقوداً، منذ تواريخ استقلال بلداننا السياسي في القرن الماضي، نجهد أنفسنا لتخريج الرجل المهذب “الجنتلمان”، ولكن هل هذه الآلاف من الذين نراهم يطفون
عن صحيفة الوطن العمانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق