الأحد، 28 سبتمبر 2014

عودة المستقبل

عودة المستقبل: التنافس النووي ونظرية الردع واستقرار الأزمات بعد الحرب الباردة
صادر عن مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ..مجموعة النيل العربية وكيل حصري في مصر وليبيا ..
 ظل الانتشار المحتمل لأسلحة الدمار الشامل في المستقبل، وإخفاق أنظمة منع انتشار هذا النوع من الأسلحة في وضع حواجز فعالة في وجه انتشار التقنية النووية في الماضي، تصبح للجهود المبذولة لفهم التنافس النووي فهماً أعمق أهمية بالغة. ويقدم كتاب عودة المستقبل إطاراً مهماً لتنظيم البحوث الخاصة بالتنافس بين القوى العظمى والردع النووي وتقويمها.

يذهب فرانك هارفي في كتابه إلى أن الانتقادات السابقة لنظرية الردع والاختيار العقلاني غير مقنعة، ويقوم بتصميم مجموعة جديدة من الاختبارات التجريبية لنظرية الردع العقلاني ليسلط الضوء على أنماط التفاعل بين القوى النووية المتنافسة. كما يتناول المؤلف بالتحليل أساليب إدارة الأزمات التي استخدمتها كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي في ثمان وعشرين أزمة وقعت بعد الحرب العالمية الثانية، ويحدد العوامل التي تؤدي إلى تصعيد هذه الأزمات أو تحول دون تصعيدها. وتصلح مجموعة البيانات الخاصة بالأزمات أساساً لتحديد أنماط الردود التي تلجأ إليها إحدى الدول النووية عندما تتعرض لتهديد من دولة نووية أخرى. ويقيّم الكتاب جدوى مسارات العمل البديلة لمنع تصعيد النزاعات التي تتسم بالتنافس النووي في المستقبل.

الجمعة، 26 سبتمبر 2014

راقب نذر الفوضى بقلم أ.د. محمد الدعمي


2
أ.د. محمد الدعمي
إن غاية ما يخشاه أولو الأمر وأصحاب الرأي عبر إقليمنا الملتهب هو طوفان الفوضى العمياء التي قد تلتهم الأخضر واليابس، بل قد تأتي على الحدود السياسية القائمة درجة تداخل القوى المتعامية الفاعلة على نحو دموي لا يمكن لأحد أن ينجو منه. هذه رؤيا مرعبة بالنسبة للدول الأكثر استقرارًا، خاصة وأن حكوماتها تدرك جيدًا أن استقرارها، المرتكن إلى ثروات طبيعية تمكنها اليوم من أخذ زمام المبادرة على المستوى الإقليمي والعالمي، إنما هو استقرار على المحك الآن.
نذر الفوضى تتجسد متراكمة اليوم في الأفق عبر ما نلاحظه من تحالفات وبروز تكتلات دولية تحمل شعارات متشابهة ولكن قابلة لأنواع التأويل والتبديل. وقد قدم الإعلامي الأميركي المعروف بنرجسيته، أورايلي، رؤية سوداوية للفوضى في الإقليم التي يبشر بها عندما راح يقترح على الإدارة الأميركية أن تعمد إلى إدارة الصراع على نحو يضمن نقل المواجهة ضد الإرهاب إلى الشرق الأوسط، طريقًا مثلى لعدم السماح له بالانتقال إلى أميركا والعالم الغربي عامة. بمعنى أنه يؤكد على أن تركيز المواجهات والارتطامات العسكرية داخل إقليمنا الملتهب إنما هي الطريقة المثلى للنأي بأميركا والعالم الغربي بعيدًا عن أنواع القوى الإرهابية الفاعلة في الإقليم الآن، من القاعدة إلى “خراسان” عبر داعش وسواها من المنظمات الإرهابية التي لم تعد، حسب رأيه، بحاجة للمؤيدين والمنظمين إلى صفوفها من بين ملايين الشبيبة والنشء المسلم اليائس والمتهور والمستقتل الذي لا يحتاج لسوى الدعوة للانضمام إلى هذا النوع من المنظمات الإرهابية التي لا توفر له الغذاء والسكن والزواج فقط، بل وتوفر له الفائض من المال المستخرج مما يصل إلى هذه المنظمات من تبرعات وثروات الأراضي من التي تسيطر عليها، خاصة تلك البقاع الغنية بالنفط، خاصة وأن التعطش العالمي للنفط يضمن تسويقه عبر عشرات، بل ومئات القنوات الخفية. وخلاصة الكلام هي أن المطلوب أن تستعر المعركة على أراضي الشرق الأوسط بين شعوبه ودوله، طريقًا للنأي الغربي بالذات عن ألسنة الحريق.
بل إن الأخطر في هذه الرؤيا السوداء المبيتة للشرق الأوسط يتجسد في أن تضطلع دول الشرق الأوسط الغنية بالبترول بتمويل الحملة أعلاه، كي تتداخل الأوراق ويتحمل الإقليم مصائبه وحده، بعيدًا عن العالم الغربي. وبذلك تبقى مجمعات صناعات الأسلحة الثقيلة في العالم الغربي تدور بالأموال الآتية من مشتري تلك الأسلحة. وهكذا يتم تدوير البترودولار دورة كاملة ليعود إلى من يشتري النفط على نحو ملتوِ.
بل والأنكى، هو أن يقترح أورايلي أن تقوم الولايات المتحدة بتشكيل وقيادة جيش عرمرم من المرتزقة، ومن جميع أنحاء العالم، خاصة الدول الفقيرة للدخول في هذه المعركة ضد الإرهاب في الشرق الأوسط!
وهكذا تتبلور فكرة “تدويل” محاربة الإرهاب، ليس بالتكتلات والتحالفات فحسب، ولكن كذلك بنمط من الاستقطاب المالي، المتاح في الدول الغنية بالبترول، كي تضطلع بعملية تمويل هذا الجيش من المرتزقة الذين قد يأتون من أفقر بقاع العالم، بحثًا عن المال وتحقيق الأحلام، بلا مبادئ ولا عقيدة ولا أهداف إنسانية سامية.
إن غاية ما يخشاه المرء هو استدراج دول الإقليم الغنية إلى حرب ضروس، لا تبقي ولا تذر، بهدف حماية العالم الغربي بدعوى حماية الأنظمة الحكومية القائمة. هذه الخطة الجهنمية تذكر المرء بما استدرجت إليه كل من دولتي العراق وإيران تحت عنوان “الاحتواء المزدوج” لاحتواء القوتين الرئيسيتين في الإقليم آنذاك، للجمهما، وتجنبًا لتوسع الصراع خارجهما.

الخميس، 25 سبتمبر 2014

صدر حديثا : قصة للأطفال بعنوان " عَسَلِيَّة مُنْقِذَةُ الخَلِيَّة " للكاتبة غادة ابراهيم عيساوي






صدر حديثًا قصة للأطفال تحت عنوان " عسلية منقذة الخلية" للكاتبة والمربية غادة ابراهيم عيساوي. تقع القصة في 28 صفحة من الحجم الكبير، تُزَيِّن القصة رسومات رائعة للفنانة فيتا تنئيل، غلاف سميك ومقوى. تتناول القصة موضوع حياة النحل في الخلية، النشاط والمبادرة والاجتهاد والانتماء، من خلال قصة مشوقة عن بطلة القصة عسلية، بأسلوب سلس وعذب ملائم للأطفال، تحمل القصة في طياتها قيم انسانية وتربوية ، يشار ان الكاتبة تعمل مربية لجيل الطفولة المبكرة في مدرسة الغزالي في كفر مندا.


الأربعاء، 24 سبتمبر 2014

نجاح منقطع النظير لمهرجان مسرحيد 2014:


قمر على باب الشام أفضل مسرحية
أفضل ممثلة ريبكا تلحمي وحنين طربيه
أفضل ممثل حنّا شمّاس وبيان عنتير

*عكا- لمراسل خاص- أقفل أمس الثلاثاء 23/9/2014، مهرجان مسرحيد الـ 13 أبوابه بنجاح منقطع النظير، وبعد أن أمّه المئات على مدار خمسة أيام حيث بدأ بعرض المسرحية الضيفة "جار وجار" يوم الجمعة 19/9 وتم الافتتاح الرسمي والاحتفالي يوم السبت 20/9 وفي 21/9 انطلقت عروض المسابقة الستة على مدار ثلاثة أيام، حيث لم يتبق مقعدا واحدا فارغ، مما اضطر العاملين في المسرح إلى زيادة مقاعد على الجوانب وحتى وضع فرشات على الأرض والعديد من الأشخاص جلسوا على درجات المسرح.
وقد تخلل المهرجان (20) عرض مسرحي ومعرض للصور وعرض فيلم سينمائي وندوة مسرحية وأمسيتان غنائيتان، إلى جانب فقرة السيرك الذي قدمته فرقة "هيلا" العكية. وقد تم تكريم الشاعر سميح القاسم بقصيدة مهداة من "مفعال هبايس"، تم قراءتها بالافتتاح وبعدّة عروض. وقد افتتح المهرجان القاضي فارس فلاح رئيس الهيئة الإدارية للمهرجان، وتحدثت عن وزارة الثقافة الآنسة لبنى زعبي وعن رئي البلدية نائبه ادهم جمل.
أقيمت أمسية الاختتام وتوزيع الجوائز في مقصف المهرجان بحضور طواقم المسرحيات المتسابقة وتولى عرافة الأمسية المدير الفني للمهرجان ومؤسسه الفنان أسامة مصري، وبعد أن شكر جميع العاملين في المهرجان وتكريم المتسابقين، دعا إلى المنصة الفنان إياد شيتي، الذي قام بتحكيم مسابقة المونولوجات لطلاب المسرح، وأشار بكلمته، إن اختيار الفائزين كان حسب مقياسه الشخصي، ولا يعني ذلك أن الفائزين برأي الآخرين هم الأفضل. وقد كانت الجوائز كما يلي:
  • المرتبة الأولى ثيماء رافع- عرابة.
  • المرتبة الثانية سارة سليمان ورنا كناعنة- عرابة.
  • المرتبة الثالثة- وصال كزلي ومرام حمودي- شفاعمرو.
بعدها تم دعوة لجنة تحكيم المهرجان المكونة من الفنانين: محمد بكري، إلهام عراف وسعيد سلامة، وقدم سعيد سلامة في البداية توصيات اللجنة للمهرجان وهي كما يلي: من منطلق المسؤولية نرى لزاما علينا تقديم بعض التوصيات لإدارة المهرجان نأمل أن تأخذ بالحسبان بالمستقبل.
-         إصدار بيانات صحافيه متتالية عن الدورة المسرحية الحالية والقادمة.
-         العمل مع أدباءنا من الحقل النقدي لمواكبة الأعمال المسرحية والكتابة عنها خلال أعمال أيام المهرجان.
-         ندوه عن المسرح بشكل عام تشمل عاملين في المسرح من ممثلين مخرجين.. أين نحن من المسرح.. أين نحن من مكونات المسرح.. مسارحنا إلى أين؟
-         توثيق أعمال المهرجان لئلا تضيع.
-         ورشات في العمل المسرحي بشكل عام لمن يرغب، مما يؤدي إلى التواصل وخلق جو مسرحي بكل ما في الكلمة من معنى.
ثم تكلم الفنان محمد بكري وألقى بيان لجنة التحكيم والجوائز وكانت كما يلي:
في مسرحية " هاملت" لشكسبير يخرج هاملت مسرحيه داخل المسرحية أمام عمه الملك الجديد الذي قتل أباه وتزوج أمه. وهناك مونولوج مشهور اسمه بلغة المسرح المتعارف عليها"مونولوج الممثلين" الذي به يشرح هاملت للمثلين كيف عليهم أن يمثلوا المسرحية التي كتبها. كل هذا من اجل أن يفضح عمه وأمه اللذان تآمرا على أبيه الملك وقتلاه بصب الزئبق في أذنه وهو نائم في حديقته.. وبهذا يكفر بمقولتنا الشعبية: اللي اخذ أمي هو عمي! بل يقتل عمه الغادر بعد أن يلاحظ ردود فعله أثناء مشاهدته المسرحية التي توحي بحكاية المؤامرة.
من هنا نستطيع القول بأن المسرح ليس فقط مرآة لنا بل هو كافر بالمسلمات، سائل للأسئلة الصعبة، التي تحرك الضمير وتطرح التساؤلات. المسرح هو ثوره أخلاقية حسية، فكرية شاعرية وجمالية. المسرح يهذب الروح ويذيب العنف. المسرح هو أبو الضمير وابنه..
لم يكن سهلا علينا ثلاثتنا أن نحكم لأننا ممثلون وكان لا بد من تحكيم الضمير فرأينا ما يلي:
·       جائزة تقديرية للكريوغرافيه- تصميم الحركة تذهب إلى رابعة مرقص روبي، عن مسرحية "زووم".
·       جائزة تقديرية للديكور والملابس تذهب إلى تالي يتسحاكي، عن مسرحية: "زووم".
·       جائزة تقديرية للموسيقى تذهب إلى ريمون حداد عن مسرحية: "قمر على باب الشام"
أما جائزة الممثل والممثلة فقد حيرتنا لأننا ممثلون ونعرف على جلدنا ما يمر به الممثل من معاناة وبحث وتنقيب عن الغالي في روحه ليضفي للشخصية ما بعد، بعد النص، ورأينا ما يلي:

  • جائزة أفضل ممثله مناصفة بين ريبكا ايزمرالدا تلحمي، عن "زووم" وحنين طربيه، عن "حضرة زوجتي".
  • جائزة أفضل ممثل مناصفة بين بيان عنتير عن "حضرة زوجتي" وحنا شماس عن "زووم".
  • جائزة لجنة التحكيم لأفضل مسرحيه التي بها تزاوجت وتمازجت برقه عاليه وحس مرهف كل العناصر التي تبني مسرحية متجانسة بين النص والإخراج والأداء والحركة والديكور والإضاءة والموسيقى، فقد رأينا أن كل هذه العناصر ألفت سمفونية رائعة وقد وقفت أمامها وخلفها الفنانة أمال قيس/ أبو صالح وهي مسرحية "قمر على باب الشمس".
  • جائزة الجمهور حصلت عليها مسرحية "قمر على باب الشام".

دراسة لديوان " لو ينطق الشَّمال " للشَّاعر الدكتور " نديم حسين " - ( بقلم : حاتم جوعيه – المغار –)




مقدمة: ألشاعر والاديب الدكتور "نديم حسين" من سكان قرية الرامة الجليلية ويسكن حاليا في قرية عسفيا – قضاء حيفا. حاصل على شهادة الدكتوراة في الطب وعلى شهادة البكالوريوس "B.A" في موضوع الفلسفة واللاهوت وعلم النفس.
يكتب الشعر والمقالات الادبية و السياسية والدراسات النقدية منذ اكثر من عشرين عاما. نشر الكثير من انتاجه الشعري والنثري في معظم صحف ومجلات البلاد، وكما عمل محررا في اكثر من جريدة ومجلة محلية، مثل: صحيفة "الميدان" و "الاخبار" وغيرها.
اصدر العديد من الدواوين الشعرية والكتب النثرية التي تضم العديد من المقالات التي نشرت سابقا في مختلف الصحف المحلية. ومن الكتب والدواوين التي اصدرها: 1- ديوان لو ينطق الشمال، 2- ديوان روح السكر الآتي، 3- ديوان حاوليني مرة اخرى، 4- فتوى لعين فاطمة، 5- يونس يهذي روحه، 6- مرايا الغريب وغيرها. وسأتناول في هذا البحث احد ديوانه الشعري "لو ينطق الشمال" وسأركز الدراسة على بعض القصائد من هذا الديوان.
مدخل: الشاعر والاديب الدكتور "نديم حسين" يحظى بشعبية وشهرة واسعة النطاق محليا، وقد كتب عن دواوينه الشعرية الصادرة العديد من الادباء والنقاد المحليين واقيمت له عدة امسيات تكريمية وهو اهل لكل تكريم وحفاوة نظرا للمستوى الابداعي لديه وعطائه الغزير والمميز جماليا وفنيا.
اذا نظرنا من ناحية شكيلية لكتابات الدكتور نديم الشعرية نجده يكتب شعر التفعيلة الموزون، والشعر الكلاسيكي "العمودي" ويكتب ايضا القصيدة النثرية الحرة.. وقد ابدع في جميع هذه المجالات.
وجميعنا يعرف ان الدكتور "نديم" يمتلك ثقافة واسعة في جميع المجالات العلمية والادبية، ويتقن عدة لغات اجنبية، كما انه مطلع على معظم الادب الغربي "الاجنبي" وعلى الادب العربي جميعه (القديم والحديث).
يتناول نديم في كتاباته جميع المواضيع: الوطنية والسياسية، والانسانية والوجدانية والفلسفية وحتى الغزلية والوصفية احيانا.
ولغة نديم في الشعر الحديث قوية جدا وجميلة ومتينة وجذابة للقراء. وهو يركز على القافية ويستعمل قوافي متعددة ويتفنّن في كيفية ترتيب القوافي، ويستعمل كثيرا التوظيفات الدلالية والرموز والايحاءات الجديدة والومضات الخلابة حيث أبدع بشكل مميز عن باقي الشعراء المحليين.
ان قاموس نديم حسين الشعري واسع جدا ويختلف كثيرا، كما ذكرت عن قواميس وعالم وخيال الشعراء الآخرين، فهو بدوره لا يكتفي او يرضى بالقوالب الشعرية الجاهزة والمهيأة، ولا يأخذ اشياء أكل الدهر عليها وشرب او صورة وفكرة معينة مستهلكة ومستعملة كثيرا فيطورها كمعظم الشعراء القدامى والجدد.. بل العكس تماما، فكل ما يكتبه نديم هو جديد ومبتكر، وكل عبارة او جملة شعرية يكتبها في اية قصيدة له لا نجد شبيها لها او تقاربا عن غيره ابدا من ناحية نوعية الفكرة والتصوير البياني والبلاغي والاستعارة والابتكار. انه موغل جدا ومتعمق في التوظيف الدلالي وفي تطوير المفردات اللغوية والبلاغية وفي خلق ووضع الرموز والتشبيهات العميقة الجليلة والجميلة وفي اسدال هالة جميلة على شعره من الغموض والابهام المحبب والساحر. وكل من يريد فهم شعره بتوسع يجب ان يكون على مستوى عالٍ من الثقافة والاطلاع، ويكون ملمّا بجميع المواضيع والثقافات ودارسا للادب والتاريخ جميعه الغربي (الاجنبي) والعربي - القديم والحديث. ولكنه حتى الآن لم يأخذ حقه كما يجب من حيث الشهرة والانتشار على المستوى العالمي – فجدير بشعره ان يترجم للغات اجنبية عديدة ويدرّس في كل مكان.
وبالاضافة الى التوظيفات الدلالية والرموز في شعره نجد عنده بشكل مكثف العناصر الجمالية والفنية المتكاملة والعذوبة والطابع والنكهة الخاصة التي يتحلى بها شعره والجاذبية المتميزة الاخاذة – حيث كل انسان يقرأ له فيقرأ بشغف وبتمتع حتى لو كان ثقافة الشخص  محدودة وسطحية لان كتاباته جميعها لها اريج وسحر خاص، وهذا هو الشعر السامي والراقي والناجح الذي يواكب الاجيال وتطور الشعوب.
فشعره يتجاوب ويتناغم مع متطلبات وتطورات العصر من جميع النواحي الموضوعية والفكرية، والجمالية اسلوبا وتوجها وتجديدا الخ... وفي تقييم فلسفة الحياة.
فكل ما يكتبه حديثا ومبتكرا، فكل قصيدة يكتبها نجدها تختلف كليا عن سابقتها: في موضوعها وتوجهها ومعانيها، وكل قصيدة له عبارة عن عالم بحد ذاته مليء ونابض بالحياة والجمال والمعاني العميقة ومترع بالابعاد الفلسفية والنظرات الانسانية والشطحات الصوفية والعناصر الجمالية والفنية. وكما ان روح الدعابة والفكاهة والطابع التهكمي الساخر تتماوج في الكثير من قصائده.
ولنختر نماذج من شعره، يقول في قصيدة بعنوان: "ودمتم سائلين"
-
صفحة 9: متى اراك مقلعا/ عن ذاتك المشاكسة/ يا صاحب القضية/ لكي تنام ليلة/ على فراش راتب شهري/ والراتب الشهري يا مناضلي الكريم/ مواظب وموجع حاسم/ كالعادة الشهرية.
والراتب الشهري/ كالمخبر السري/ مثابر/ وصامت كالعادة السرية!.
ويقول ايضا: جيم جواب/ جفت دناني يا بني سكر/ ونامت فوق مسراها الثواني/ ما نلت خبزا رغم كدّي!
سيدي/ يا حارس الافران/ مني ومن اقراني/ ما ذقت ملحا رغم مدي.
ويقول: يا بني سكر هلا/ من كان منكم/ ليس يرعى حق جار.
يا ايها الصغار/ من كان منكم/ يرفع الاكباد فوق رمح جاهلية وعار.
ويقول ايضا: يا بني خمر هلا/ قطعتموا رزقي/ فهل ستقطعون بعد ارزاقي/ لساني/ وجف من ذنوبكم شرياني.
والقصيدة طويلة وهي تهكمية ساخرة وجريئة وواقعية يعالج فيها الشاعر عدة قضايا انسانية وسياسية واقتصادية، ويستعمل فيها الكثير من الرموز والتوظيفات الدلالية الجديدة، مثل: يا بني سكر، بني خمر، ونطفة الاوثان. وينتقد في هذه القصيدة بشكل عام الذل والخنوع والتواطؤ من اجل الراتب الشهري "المعاش".
واما في قصيدة "من المحابر للحراب" ص 41 وهي قصيدة كلاسيكية على بحر الكامل والقصيدة تهكمية ساخرة وكوميدية نوعا ما، فيتحدث فيها عن موضوع الزعامات التقليدية الرجعية المتخلفة والقيادات السياسية التي تفتقر لكل المقومات القيادية من: فكر ثاقب راجح ومبادئ وقيم وحب الناس والنظرة للدمقراطية والوعي الثقافي والسياسي والحس الوطني والمبادئ والكرامة والمثل والالتزام القومي والوطني والمبدئي والانساني.. الخ..
يقول في القصيدة:
وجماعة "زعماؤها" ارض يبابْ  خون وحمقى لا ضمير ولا ثوابْ
فمعمّم تحت العمامة دِمنة   ومحكّم في الحكم لعنته صواب
ذا مستشار "أهبل" مستثقف  ذا قنصل يقعي على عتبات باب
وموظف "عال" شهادته خنا   صمم على خرس على هبل وناب
وترى "الزعيم" كظل قامته كبا  وصفيق وجه كان انسانا وتاب
ومفتش واش يفاجئ أمه   بوشاية عن ضرعها سبتا وآب
الخ.. انها قصيدة جريئة وواقعية، موضوعها من صميم واقعنا العربي المحلي ويصيب فيها كبد الحقيقة. والقصيدة عنيفة جدا وحادة وجيئة ومعانيها واضحة ومفهومة، فيتحدث الشاعر عن الوشايات والفساد الموجود والمتعفن في جميع الاجهزة والاطر الثقافية والسياسية والتوظيفية.. وكيف ان بعض الذين يتبوّؤون المراكز والوظائف والامتيازات وغيرها في عدد من المجالات والاطر والتنظيمات والاحزاب والمؤسسات هم  اناس انهزاميون رجعيون بائعو ضمائرهم ووجدانهم يفتقرون للاخلاق والمبادئ والكرامة، فينالون المراكز والوظائف حتى الصغيرة والحقيرة منها عن طريق الفساد والرشى والكذب والزيف والخداع، وفي تخريب بيوت الغير وبخيانتهم وعمالتهم لوطنهم وقوميتهم. والقصيدة جميلة تهز المشاعر والضمائر الحية، ويشوبها بعض التشبيهات والاستعارات البلاغية الجديدة المبتكرة والجميلة.
واما في قصيدة بعنوان: "وصلت وما وصلت" ص 42 فيستعمل الكثير من التعابير البلاغية الجديدة والطريفة مثل: (طمي روحي)، قد اطلق طلق الصباح ريقه الشعاع، نحو جرح، عله يلتئم الجليل)
فجملة "اطلق ريقه الشعاع" لم يستعملها احد اطلاقا.. الخ
ومن قصائده الجميلة في هذا الديوان قصيدة بعنوان: "قام من بين الاموات" ص 64، وهي في ذكرى الموسيقار الكبير "سيد درويش" فيقول فيها: "من علم الكمان/ الاك يا مؤذن الالحان!
من اغرق الطاغوت في زوبعة/ مهزومة في قمقم الفنجان/ من علم النشيد كيف يوقظ السلاح في تثاؤب المضاهرة/ الاك يا معزوفة مفكرة/ ونغمة قديمة، قديمة معاصرة".
يشير الشاعر هنا الى اغنية "بلادي بلادي" التي كتب كلماتها ولحنها وغناها "سيد درويش" بصوته، وكانت النشيد الوطني لمصر زمن الانتداب البريطاني وكانت تنشد وتغنى هذه الاغنية في المظاهرات ضد الانجليز في مصر وهي شعار للتحرر من حكمهم، كما اصبحت هذه الاغنية نشيدا وطنيا للفلسطينيين فيما بعد في نضالهم وكفاحهم.
فسيد درويش كما يراه الشاعر هو المعزوفة المفكرة والمدبرة التي تبرمج وتهيئ وتعبئ الصفوف من ابناء الشعب المصري للنضال السياسي ضد الاستعمار والاحتلال.
ويستعمل الشاعر التكرار اللفظي لتحلية الجمل الشعرية مثل: "ونقمة قديمة قديمة معاصرة" ففي تكرار كلمة "قديمة" يؤكد على المعنى ويضيف للجملة جمالا لفظيا.
والقصيدة هنا على وزن الرجز والكامل.
ويقول نديم في نهاية القصيدة:
"
يا ايها العربي صوبت السلام/ على غزالة نغمة فأسرتنا شمم الكنانة انجبك/ شبق النخيل تقمصك/ وجع الجزيرة رددك. وتلخصت قصص الخلافة قبلة/ لثمت يدك
صب الفرات ودجلة الخير الاغاني في صداح جمّلك!
واذا، اذا قل لي بربك من اكون لكي اجافي موعدك؟!
واسمح لدمعة مؤمن بولوج نهر من فنون خلّدك!
فلسيد آذاننا! ولكل  مغبون على وجه البسيطة قاهرهْ!
ولنكتف بهذا القدر من استعراض القصائد.
واخيرا: نتمنى للصديق الكاتب، والشاعر والاديب القدير المبدع الدكتور نديم حسين المزيد من العطاء والابداع الشعري والنثرية.