الخميس، 18 ديسمبر 2014

المستذئبون بقلم : أ.د. محمد الدعمي

تكمن خطورة هذا الجنس من الذئاب المنفردة في أنهم يستثمرون “هبّة” الحملة العالمية المضادة للإرهاب لتلبية شهوات نفسية مكبوتة من نوع الرغبة القوية في الشهرة بأي ثمن، برغم أن هذا النوع من الغرائزية المتعامية غالباً ما يكلف المستذئب حياته لأن انفعاليته اللامحدودة غالباً ما تدفعه إلى محاولة إحداث رجات نفسية واجتماعية قوية ذات صدى إعلاني عريض،

لايخفي نائب رئيس المخابرات المركزية الأميركية، حتى نهاية سنة 2013 “مايك موريل” Morrel خشيته من تكرار مأساة ما حدث في مقهى بمركز مدينة سدني الأسترالية من قبل واحد من هؤلاء الذين أطلق الإعلام الأميركي عليهم وصف “الذئاب المنفردة”. وهؤلاء هم “مستذئبون” خطرون لا ينتمون الى اية شبكة إرهابية، ولا إلى اية جماعة تحترف الجريمة لأنهم يقدمون على الجريمة البشعة منفردين وبدون دوافع وإرهاصات واضحة المعالم. لذا يشكل هذا النوع من “المستذئبين” خطرا يقض مضاجع الأجهزة الأمنية والاستخبارية في العالم الغربي نظراً لصعوبة تشخيصهم وتحديد دوافعهم، زيادة على استغلالهم تفاقم مخاطر الإرهاب وتصاعد الحملة ضده لتحقيق مآرب أو نزوات أنانية لا تخدم غرضاً سياسياً أو فكرياً محددا!

والشيخ “معن هارون مؤنس” Man Haroun Monis الذي صور وهو يضع العمامة الإسلامية، قام برد جميل الدولة الأسترالية بايوائه، لاجئا قبل بضعة سنوات، بسلسلة من المخالفات القانونية والجرائم والتحرشات والجنح، سلسلة تصاعدت حد حادث حجزه حوالي 17 فردا في مقهى والتهديد بقتلهم يوم الاثنين (15 ديسمبر).

تكمن خطورة هذا الجنس من الذئاب المنفردة في أنهم يستثمرون “هبّة” الحملة العالمية المضادة للإرهاب لتلبية شهوات نفسية مكبوتة من نوع الرغبة القوية في الشهرة بأي ثمن، برغم أن هذا النوع من الغرائزية المتعامية غالباً ما يكلف المستذئب حياته لأن انفعاليته اللامحدودة غالبا ما تدفعه إلى محاولة إحداث رجات نفسية واجتماعية قوية ذات صدى إعلاني عريض، كأن يختطف طائرة بركابها أو يحتجز طلاب مدرسة، مع المعلمين، بشكل كامل، الأمر الذي يستدعي تجحفل أجهزة الشرطة والأمن والمخابرات على نحو مركز لإنقاذ الضحايا من المحتجزين. لذا، فغالباً ماتنتهي مثل هذه العمليات إلى قتل “الذئب التائه” سوية مع عدد من الضحايا الذين يفشلون في الإفلات من دوامة العنف أو تبادل إطلاق النار والرصاص “التائه”. لنلاحظ أن فشل وعجز الشبان من هذا النوع الإندفاعي غالباً مايحدو بهم التفكير بأعمال تخريبية ذات صدى واسع. إذاً، غياب المعنى والفشل يكمنان خلف مثل هذه الأعمال: فالنحذر الفاشلين والعاجزين.

على الرغم من أن إحدى صور المجرم أعلاه تظهره بعمامة رجل دين شيعي، إلا أنه قد طلب علم “الدولة الإسلامية” (داعش) التي تضمر العداء للشيعة على نحو حاص. وهذه علامة تدل على تخبط الذئب وعدم قدرته على تقديم نفسه بطريقة ذات معنى قابل للفهم. لذا لا يخطيء السيد موريل السابق الذكر، بأنه يعتقد أن هؤلاء هم أفراد يريدون أن يمنحوا حياتهم شيئاً من المعنى كغطاء للاجدوى التي تخترق حياتهم، بطبيعة الحال.

أما النوع الثاني من “الذئاب المنفردة”، فهم ضحايا الحروب والعوائل البائسة والأمراض النفسية من أمثال الطيار الحربي الأميركي الذي قدمته فضائية الـCBS يوم السبت الماضي (برنامج 48 ساعة) حيث أن آثار مشاركته في غزو العراق وسواه من المهمات الحربية تركته ضحية مرض نفسي قاده إلى قتل زوجته، ثم إلى قتل زوجته الثانية فيما بعد. هم ذئاب خطرة يمكن أن يظهروا في اية لحظة، ويضرب في أي مكان، بلا مسؤولية: في مطعم، مدرسة، دار سينما، متجر كبير ، ليعبروا عن عجزهم عن الحصول على “مقبولية” اجتماعية فيعتمدوا الإعدامات المتعامية لمن يصادفهم من البشر دون تمييز، للأسف.

إن هذا النوع من الشبان ينبغي أن لا يفلت من تحت مدى استشعار رادارات قوى الأمن الداخلي والشرطة والمخابرات لأن إفلاتهم يشبه إخفاء قنبلة موقوتة في مكان مأهول يعد آمنا.

 


 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق