الجمعة، 14 نوفمبر 2014

مسقط تقودنا إلى السلام بقلم البروفيسور محمد دعيم

ذا كان هذا هو أكبر تهديد للأمن وللسلام الإقليمي والعالمي، وأقصد به احتمال ارتطام العالم الغربي بالعسكرية الإيرانية، فهل يبقى ما يبرر إساءة تصوير المبادرة العمانية لدرء الخطر عن الجميع من خلال استضافة مسقط الاجتماعات الحاسمة الجارية اليوم بين العالم الغربي من جهة، والجمهورية الإسلامية، من جهة أخرى.”
ـــــــــــــــــــــ
إذا ما تفحص المرء إقليمنا الملتهب بإمعان وبعد نظر غير منحازين، فإنه، لا ريب، سيضع إصبعه على اسخن بقعة محتملة الانفجار ومحتملة سحب المنطقة إلى حرب أو سلسلة حروب ضروس، لا تبقي ولا تذر. وهي، كما عهدناها، منطقة الخليج العربي الغنية بالنفط الذي يزيد من احتمالات الالتهاب وسرعة الاشتعال. ليس هذا التشخيص بغريب قط، ذلك أن جميع الحروب التي حدثت في الشرق الأوسط، بعد استثناء بعض العرب من قصيري النظر إسرائيل من كونها الخصم الأساس، حسب معطيات فكرة أن “فلسطين هي قضية العرب الأولى”، نقول إن الحروب جميعاً تمحورت على خليج البترول الملتهب: حرب الخليج الأولى (1980-88) وحرب الخليج الثانية (1991) وحرب الخليج الثالثة (2003)، باستثناء الحروب العربية الإسرائيلية.
وإذا كانت هذه خلاصة مبسطة غير بعيدة المنال عن “تاريخ الحرب في الشرق الأوسط”، فإنها تلقي الضوء ساطعاً على ابعاد ودلالات الدور العماني اليوم، بوصفه الدور الداعي للسلام والمكرس للسلام، وليس للحروب، على عكس ما داومت عليه أنظمة أخرى دأبت على سكب الزيت على نيران المنطقة، حتى راحت ألسنة اللهيب تهدد ايديها، للأسف.
لذا يصعب على المرء أن يهضم ما أطلقته بعض الأصوات الموهومة من نقد لا مبرر لسلطنة عمان على “فعل الخير” الذي أقدمت عليه على سبيل:
(1) ردم الفجوة بين واشنطن وطهران، وطهران وبروكسل؛ في سبيل إيجاد حل ناجع ودائم لأزمة الملف النووي الإيراني الذي يقرأه الكثيرون تهديداً وجودياً لعدد من الدول العربية، بعد غض النظر عن “الملف النووي الإسرائيلي” الذي لم يعد ملفاً، بقدر ما تحول إلى تهديد واقعي وحقيقي لجميع شعوب المنطقة، باعتبار حجمه وتاريخه وآفاقه.
(2) تجنيب المنطقة حرباً من النوع الشامل، وأقصد حرباً لن تسمح لأحد أن ينأى بنفسه ليتفرج عن بعد أو ليكتفي بسكب الزيت على النار، كما فعل العديد من هؤلاء الذين دفعوا صدام لثلاثة حروب في الخليج، للأسف.
إذاً، إذا كان هذا هو أكبر تهديد للأمن وللسلام الإقليمي والعالمي، وأقصد به احتمال ارتطام العالم الغربي بالعسكرية الإيرانية، فهل يبقى ما يبرر إساءة تصوير المبادرة العمانية لدرء الخطر عن الجميع من خلال استضافة مسقط الاجتماعات الحاسمة الجارية اليوم بين العالم الغربي من جهة، والجمهورية الإسلامية، من جهة أخرى. أجد أن التبرير الوحيد لنقد “مسقط” على هذه المبادرة الرائدة المشحونة بالإخلاص والوطنية والقومية إنما هو تبرير تخريبي، ولا يمت بصلة للنقد البناء.
فما هذا التعامي، وما هذه التعمية، ايها الإخوة؟ ثم هل نحن مؤهلون لأن ننتقد أو نطري أو نمتدح إجراءً عمانيًّا مخلصاً، إجراءًا وافق عليه وأسهم في بلورته رجال مثل وزير الخارجية لأكبر وأقوى دولة في العالم والمنسقة الخارجية لأكبر كتلة أوروبية، زيادة على المسؤولين العمانيين، بطبيعة الحال. هل نحن الذين نقدم النصح لواشنطن ولأوروبا أو لمسقط ولطهران ونشكك فيما قدمته مسقط على هذا السبيل، سبيل الخير والسلام؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق